حمــاس على رصيـــف الأحداث

حمــاس على رصيـــف الأحداث ..
في خضم الأحداث والتفاعلات التي أعقبت موافقة القيادة الفلسطينية على الدخول في مفاوضات غير مباشرة مع حكومة اليمين المتطرف،ونزولاً عند الإرادة العربية والرغبة الأمريكية والرباعية الدولية قوبلت موافقة القيادة بالرضى من أطراف لا تريد لنا خيراً كما قوبلت من أطراف عربية وفلسطينية لا تريد هي الأخرى لنا خيراً مزكية رفضها بالشماتة حتى وإن كان موقف القيادة أو قرارها نابعاً من المصالح العليا لقضيتنا وشعبنا وحتى لو استرجعت القدس فلن يباركها مشعل ولا حركته ما دام صاحب الإنجاز ليس ربانياً إخونجياً ... إلاّ أن هناك فرقاً بين من يجوب العالم بحثاً عن استقطاب التأييد لقضيتنا الوطنية وبين الجالسين على رصيف الأحداث يجرشون ويطحنون الكلام الفارغ والمقيت بينما هم مسلوبو الإرادة لا يقوون على الفعل ...هم دائماً في الواجهة وفي مقدمة الصفوف عندما تصلهم قوافل الإغاثة من القيادة في رام الله ومن العرب وغيرهم ...وهذه الحركة المنبوذة ترى ان حفر نفق عندها خير من المسجد الأقصى وأرباح تجارة الأنفاق أفضل ألف مرة من القدس إإ واستدراجهم لإسرائيل لشن الحرب على شعبنا في غزة من اجل الاستحواذ على المساعدات التي سيقدمها العالم بعد ان تهدم البيوت على رؤوس أصحابها ، كما انهم لا يصدقون أنفسهم عند مقابلتهم للسيد كارتر أو شخصية دولية يعتقدون أنهم نالوا اعتراف العالم إإإ كم هي رخيصة تطلعاتهم وكم هي ساذجة وسطحية عقليتهم ...
عودة الى تسارع الأحداث بعد الموافقة الفلسطينية على اجراء مفاوضات غير مباشرة وقد نوهت سابقاً وكثير من الكتاب الى تسرع القيادة في اتخاذ قرار العودة الى مائدة المفاوضات كما حذرت بعض الفصائل والشخصيات الوطنية والمثقفين والكتاب من الوقوع في مصيدة الاحتلال،وقد وقع ما كنا نخشاه ولم ينتظر نتنياهو طويلاً بل واثناء زيارة نائب الرئيس الأمريكي أعلن عن رغبة الحكومة الاسرائيلية في بناء 1600 وحدة سكنية في القدس الشرقية وكان هذا الاعلان صفعة قوية لنائب الرئيس الامريكي واللجنة العربية العليا والقيادة الفلسطينية ...وكان بامكان القيادة الفلسطينية ان لاتقع في هذا الاختبار الصعب لوأنها ارجأت موافقتها للتشاور مع كافة فصائل العمل الوطني الممثلة في المجلس المركزي اضافة للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ، كما ان لدى القيادةما يبرر موقفها خاصة وأن الرئيس أبو مازن كان يستعد لجولة في العديد من الدول العربية والاجنبية وكذلك اقتراب عقد القمة العربية، وهكذا يصبح لدى القيادة مخزوناً من الأفكار والآراء التي تمكنها من اتخاذ قرارات مدروسة تحظى بإجماع الدول الشقيقة والصديقة وتكون بذلك قد حصلت على الغطاء الفلسطيني والعربي والدولي وتكون قد حققت تأييداً شاملاً يضع نتنياهو وحكومته أمام تحديات محرجة وأن كانت لا تصل في قوة تأثيرها الى درجة القطيعة مع حلفائها، ولكنها ستكون سلاحاً هاماً اذا توفر له الإجماع العربي لعرض الملف برمته على مجلس الأمن وهذا أقصى ما يمكن ان يجابه العرب به اسرائيل حسب المؤشرات المتوقعة من القمة العربية...
اننا سنستمع غداًــ عند افتتاح القمة العربية التى غابت عنها الكثير من القيادات المؤثرة ــ خطباً ناريةً وخاصة دول الممانعة والمقاومة والتي ستطالب بالغاء المبادرة العربية وسحبها من ملفات الجامعة العربية وستقدم دول الممانعة البديل الثوري الذي سيسحق اسرائيل وسيحرر الجولان والجنوب اللبناني وقطاع غزة هذا اذا سمح لهم رئيس الجلسة بإلقاء خطابات غير مفهومة لا يقبلها عقل المتحدث نفسه ولا الذين يستمعون اليه، وعلى القيادة الفلسطينية أن تضع خطاب الممانعة في كفة وفي الكفة الأخرى ما فاض عن الزعماء من بقايا الموائد وفضلات الطعام إإإ وعليها ان تعرف اين تكون الكفة الراجحة ؟؟ ولا اشك في ذلك فنصف مليار دولار لدعم القدس والمقدسيين خير من الخطب الجوفاء التي تقذف ثاني اوكسيد الكربون في الهواء ، وحبذا لو أقنعتم العقيد القذافي ملك القمة العربية بأن يضع قيمة دعم القدس في المزاد العلني ليتسابق الأمراء والقادة على الدفع أكثر وستكون قمة سرت هي انجح القمم العربية على الإطلاق .
هذا هو الرهان على القمة العربية إلاّ إذا كان هناك من يضمر لنا الحسد والبغضاء ويحرم القدس وأهلها من الكرم الحاتمي للأشقاء . اللهم الجم السنتهم وصم آذانهم وقنا شرورهم ...وطهر قلوبهم بالماء والثلج والبرد ...إن شعبنا يقدر قدرات العرب وامكاناتهم ولا يطلب منهم تقديم ما يفوق أوزانهم واحجامهم فنحن مع سوريا الشقيقة أذا حاربت ومع قطر إذا ساهمت ومع العُرْب في مجلس الأمن إذا خاطبت،والكل نجلهم ونقدرهم بمواقفهم منا ومن قضيتنا على ان لا يتدخلوا في شؤوننا ويثيروا الفتنة بيننا إإإ
على القيادة الفلسطينية ان تقرأ عن وعي ومسؤولية وطنية موقعنا كفلسطينيين من هذه التحديات مع تسارع عمليات الحفر تحت المسجد الأقصى وتهويد مدينة القدس وتوالي هجمات قطعان المستوطنين وغلاة المتطرفين باستباحة حرمة المسجد الأقصى،وها انتم قد اشهدتم العرب على المخططات الصهيونية كما يشهد العالم وعلى راسه الولايات المتحدة الأمريكية من أن اسرائيل لا تريد سلاماً وانها لم تترك للشعب الفلسطيني وقيادته الوطنية إلا خياراً واحداً وأن اسرائيل وحدها ومعها رعاة عملية السلام يتحملون كامل المسؤولية عن تدهور الأوضاع إإإ وأن الشعب الفلسطيني لا يقبل بديلاً عن الحرية والاستقلال وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس . وعلى القيادة الفلسطينية أن تضع في حسابها وضمن أولوياتها أن الشعب الفلسطيني هو صمام الأمان وهو الذي يجب ان يقع عليه رهانها لا أحد سواه لأنه الأقدر على الصمود والمواجهة مهما اشتدت الخطوب وتعاظمت الأهوال وتوالت عليه المحن والآلام...هذا قدر شعبنا ان يكون وحيداً لم تنهكه ويلات الاحتلال ولم تفت من عضده مجازره... ولم ترهبه أعداد الشهداء والجرحى أو الاسرى بل يندفع بكل ايمان وعزيمة وصبر نحو التضحية والعطاء . ولكن الهم الأكبر الذي ما زال جاثماً على صدره من اولئك الشيوخ الزنادقة الذين يتاجرون في وطنه بينما هو منشغل بقضيته المصيرية يساهم في صنع المعجزات ... أما دعاة المقاومة فهم واقفون متفرجون على رصيف الأحداث ... لم يتركوا لأنفسهم هامشاً يسجلون فيه علامة للحياء والخجل ومصيرهم الحتمي سيكون تحت نعالك ...
أبـــو الكـــرمل