Admin
Admin
عدد المساهمات : 147
نقاط : 402
تاريخ التسجيل : 15/07/2009
 | موضوع: نائل البرغوثي بعيون أشقاء "عن بُعد" منذ 33 عاما  السبت أبريل 10, 2010 10:22 pm | |
| نائل البرغوثي بعيون أشقاء "عن بُعد" منذ 33 عاما
وكالات - أمام مقر الصليب الأحمر وسط مدينة البيرة، تقف حنان البرغوثي " 45 عاما" إلى جانب شقيقها الأكبر عمر " 54 عاما" يحملان الصورة ذاتها، والرسالة ذاتها والوجع ذاته " نائل نائل نائل" ثلاثة وثلاثون عاما في الأسر، وجرح أم رحلت دونه، وانتظار مفتوح لا يفارقه الأمل.
ولا تبدو حنان البرغوثي، الشقيقة التي غادرها أخوها نائل طفلة، وظلت تحلم به يوم عرسها ويوم ولدت ابنها الأول والثاني والثالث وغيرهم، لا تبدو منتشية لمشهد دخوله موسوعة أكثر الأشياء في الدنيا.. حين غدا عميد الأسرى الفلسطينيين و"أكثر إنسان يمضي عمرا كهذا في سجن".
خلطو الزيت بالطحين
وتروي حنان:" يوم اعتقال نائل لا ينسى، 4-4-1978، كان عمري وقتها 12 عاما، اقتحموا بيتنا بطريقة مخيفة جدا، كسروا الأبواب ولم ينتظروا أن نفتحها، خلطوا الزيت بالطحين، ضربوا الأم والأب، مزقوا كتب نائل بحقد ظاهر..".
ثم تضيف:" لأول مرة اعرف كيف يحقد طفل وما معنى أن تكره عدوا، فقد كان بيتنا آمن ومنذ ذلك اليوم فقدنا الأمن وراحة البال".
ويوم اعتقال نائل الذي راح يلقب في السنوات الأخيرة "أبو النور"، فقدت حنان معه شقيقها عمر ووالدها، حيث تروي:" كنا عائلة صغيرة أم وأب وأخوين مع أخت وحيدة، وكان نائل في التاسعة عشرة من عمره، ما زال طالبا في الثانوية العامة".
وما أكثر الأوقات إيلاما منذ اعتقاله؟ تجيب حنان:" كل يوم منذ اعتقاله كان مؤلما، لكننا نفخر به دائما، وأردد على الدوام أن الحمد لله أن لدي أخ مثل نائل..". لكنها تستطرد:" أكثر يوم افتقدته فيه يوم عرسي، ثم يوم وفاة أبي ولاحقا وفاة أمي..".
وتعود حنان لتتذكر سنوات طويلة عاشتها بلا أخوة في البيت، حين اجتمع أسر نائل وعمر معا، فتقول:" غاب نائل وعمر في السجون، وراحوا يسموني في القرية "حسن صبي" لأنني "ولد الدار الوحيد"، وكان أبي يخاف من يوم زواجي " يده اليمين كنت"، وأمي تردد أن البيت سيفرغ عليهما عندما أغادره..، في كل مواسم الحصاد والقطاف كنت أنا وأمي وأبي وحيدين.. بانتظارهما".
ومنذ عام مر، لم تزر حنان شقيقها نائل بسبب "المنع الأمني"، لكنها تتذكر آخر زيارة له، حين كانت رسالته واحدة " الوحدة ".
وتذكر:" قال يومها يجب أن نظل دائما وحدة واحدة.." ثم تضيف:" وهي ذاتها رسالة أمي " شاعرة القرية وحكيمتها" قالت لهم عند زيارتها الأخيرة لنائل وعمر وابن عمي فخري "وحدتكم هي قوتكم.. خليكم يد واحدة".
وعند ذِكر أمها، وهي "الحزن الأكبر الذي مر على نائل وشقيقيه منذ 33 عاما"، تقول حنان:" ماتت أمي وهي تهجس بنائل وبشوقها إليه... ثم تتذكر يوم حرمت مرة من زيارته قبل سنوات طويلة من "إعلانها ممنوعة أمنيا".
تقول حنان لـ"صفا" :" كانت دائما توجه شِعرها لكل الأسرى، لكن في مرة منعت من الزيارة وغادرتها الحافلات باكرة، فوقفت باكية في محطة خالية لتقول :" بالله يا رايح ع الغالي زيارة، قلو أمك ما اجت ما في سيارة"...
ولاجتماع ذكرى الأم، مع 30 عاما مضت على نائل معتقلا، دمعة لا بد منها في عين حنان، لكنها ختمت عن شقيقها نائل قائلة:" لم نفقد الأمل يوما، لو فقدناه لما استمرت حياتنا، دائما أتخيل لحظة سيدق نائل بابنا ويدخل عائدا".
أبو عاصف... يدي التي فقدتها
ولنائل في بال شقيقه عمر البرغوثي "أبو عاصف" كما يعرف بين الجميع، ذكريات خاصة، يوم اعتقلا معا، وعاشا التحقيق معا، ومعا سجنا برفقة أمهما الحاجة فرحة ووالدهما في سجن رام الله المركزي يوم اعتقالهما في نيسان عام 1978.
وفيما حكم على نائل وعمر وابن عمهما فخري البرغوثي عدة مؤبدات، انتزع عمر حرية مفاجئة في صفقة تبادل الأسرى عام 1985، لكنه خلف وراءه شقيقه "يده التي فقدها في السجن" كما قال.
ومنذ 33 عاما، ورغم "اعتقالات كثيرة تعرض لها، كان أبو عاصف حامل الهم في كل المسيرات والمناسبات وعلى كل منابر الدفاع عن قضية الأسرى، قضيته وقضية شقيقه وكل شعبنا، كما يقول.
ويضيف:" معاناة نائل هي معاناة كل شعبنا وأسرانا، وقد ظل نائل جرحا نازفا في قلوبنا، وفي كل طقوس حياتنا، وبقي هو وابن عمي فخري الحاضرين دائما، فقدوا الأم والأب وكل الأقارب ولم يتح لهما حتى المشي في جنازة أحد عزيز..".
ثم يقول:" كل أملنا الآن في هذه الحياة أن يفرج عنهما فيما تبقى لهما من عمر.." لكنه يؤكد بشدة" ورغم 33 عاما من المعاناة لم يندم نائل ولم نندم نحن". ثم يضيف بروحه الثورية المعهودة:"لما سلكنا الدرب كنا نعلمُ أن المشانق للعقيدة سُلّمُ".
وأبو عاصف الذي وجهت إليه تهمة مشاركة نائل وفخري البرغوثي بقتل مستوطن إسرائيلي شمال رام الله عام 1987، يقول إنه لا يناضل وشقيقته حنان فقط من أجل "نائل"، وإنما لاستنهاض الهمم وليعرف الكل معاناة من قدم سنوات عمره من اجل الحرية والأرض.
وعن أمله بالإفراج عن شقيقه، يقول أبو عاصف:" لن نستجدي إسرائيل ولا أحدا، فالحرية تنتزع انتزاعا وهذا إيماننا..". ويضيف:" لديهم أسير عندنا اسمه شاليط، وكي يستعيدونه هناك ثمن، وان طال الزمن عليهم أن يدفعوه، هذا ليس استجداء..".
لكن أبو عاصف، الشقيق المفوه شديد البأس كما يعرف في قريته كوبر، يتنهد قليلا بحشرجة مسموعة حين ذكر أن نائل ملقى هناك في سجن بئر السبع دون أن يمنح حق زيارة أي من أهله..
ويقول:" جميعنا ممنوعون من زيارته، ونتواصل فقط عبر محامي، نتعب ونحن نبحث عن محامي يزوره لأجل جملتين " اهلك بخير وبسلموا عليك، دير بالك على حالك" .. ليرد علينا بالمثل.. "أنا بخير وما تحملوا هم، ديروا بالكم على حالكم"، لكن مع وعد إضافي في رسالة نائل دوما " إن شاء الله نراكم قريبا". | |
|
