ما أجمل الجهاد في سبيل الله، و ما أعظم المجاهدين حين يغادرون الأوطان ليؤمّنوا عيشا آمنا لغيرهم من بني الإنسان، فالطمع في جنان رب الاكوان، و الشوق لرياض الجنان، دفع الشاب الهادئ أشرف محمود بعلوشة 19 عاما، ابن كتائب شهداء الأقصى من حركة فتح لاقتحام وكر للصهاينة الأوغاد، فيجندل منهم ضابطا صهيونيا و يجرح آخرين، في عملية بطولية نفذها بالاشتراك مع الشهيد حسن البنا ابن سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، بينما يصاب المجاهد البطل اشرف بعلوشة، ثم يعلن عن استشهاده من قبل قوات الاحتلال.
و قد زعمت قوات الاحتلال في البداية ان الاسير اشرف قد نال الشهادة، و لم تكشف عن استشهاده إلا بعد فترة من الزمن.
بشرى ميلاد البطل
أشرقت شمس يوم الرابع والعشرين من سبتمبر من عام 1985 حاملة البشرى بميلاد البطل أشرف، فعمت مشاعر البهجة و السرور أوساط أسرة بعلوشة، التي أولت مولودها الجديد الرعاية والاهتمام، وغرست في قلبه الصغير بذور حب الوطن، وعشق تراب بيت المقدس الأسير، حتى بدت معالم الرجولة تظهر على شخصية أشرف.
و نشأ البطل وسط أسرة فلسطينية مؤمنة بربها، و احتل المركز الثاني بين أشقائه الذكور، و ترعرع بين أزقة مخيم الشاطئ للاجئين، متجرعا بذلك مرارة الهجرة مع أسرته، التي اكتوت بنيران عصابات الإجرام الصهيونية عام 1948، و أجبرت على الرحيل من مدينة المجدل، التي اغتصبها الصهاينة المحتلين.
و قد حالت الظروف الميعشية الصعبة لأسرة أشرف، دون إكمال لمشواره العلمي، حيث ترك مقاعد الدراسة بعد حصوله على شهادة الصف السادس الابتدائي، من مدرسة أبو عاصي الشمالي، و اتجه بعد ذلك للالتحاق بسوق العمل، سعيا منه لمساعدة أسرته على مواجهة أعباء الحياة المادية.
و تميز أشرف ببر الوالدين، و حسن الانقياد لأوامرهم، فكان نعم الأبن المطيع لوالده، وكان نعم الأخ المحترم لإخوانه الكبار، و العطوف على إخوته الصغار، و لم يكن ذلك غريبا على أشرف الذي عرف طريقه إلي المساجد منذ صغره، حيث التزم بمسجد المجادلة، و كان من رواد صلاة الفجر، فلم يكن يعود إلي منزل أسرته إلا بعد أدائه لصلاة الفجر، عندما يكون مرابطا على ثغور الوطن، متربصا بالصهاينة الأنذال.
و خلال انتفاضة الأقصى الباسلة، انخرط البطل بعلوشة في صفوف المقاومة الفلسطينية، و انضم لكتائب شهداء الأقصى المحسوبة على حركة فتح، و ذلك بعد اشتراكه في العديد من الدورات العسكرية لتعلم فنون القتال و استخدام السلاح، و قد دأب شهيدنا البطل على المشاركة في مختلف فعاليات الانتفاضة المباركة، سيما مسيرات دعم المقاومة، ومواكب تشييع الشهداء الأبرار.
رواد المساجد
يقول محمود بعلوشة والد الشهيد ' الحمد لله، أشرف شاب مطيع، طيب في تعامله مع الأخرين، و هو من رواد المساجد، و قد عمل في مجال التجارة العامة، و صاحب شخصية مرحة، و قوية في نفس الوقت، و كان يتوق للشهادة في سبيل الله، يبادل الناس الحب و الاحترام، و يتمتع بكل الصفات الحسنة الطيبة '.
و قد اشترك أشرف بالعديد من المهام الجهادية ضد قوات الاحتلال الصهيوني، حيث خاض العديد من المواجهات مع قوات الاحتلال خلال الاجتياحات الصهيونية للمناطق الفلسطينية، إضافة إلي الرباط على ثغور الوطن المحتل، و كان ذلك تعبيرا منه عن حبه الشديد للشهادة، التي طالما تحدث عن تمنيه لها، ومضى والد اشرف يقول لمراسل صابرون ' لقد طلب أشرف الشهادة من باب الدين و الوطنية '.
و قد استشهد أشرف منتصف شهر ديسمبر من عام 2004، إثر مشاركته في عملية استشهادية، عبر اقتحام موقع غيفن الصهيوني، مما أدى إلي مقتل ضابط صهيوني و إصابة أخرين.